صانع نظام بيئي مالي بقيمة 3140 مليار دولار، يرتدي تي شيرت بسيط، يتأمل في مستقبل البشرية.
كتابة: توكن ديسباتش و تيجاسوينى م أ
ترجمة: وحيد القرن الكتلي
المقدمة
مؤسس نظام مالي بقيمة 3140 مليار دولار، يرتدي تي شيرت بسيط، يتأمل في مستقبل البشرية.
فيتاليك بوتيرين ، المعروف أيضًا باسم الإله V في الصناعة ، هو عبقري روسي المولد أنشأ الإيثريوم وغيّر مفهوم المال والفن والحكم والملكية الرقمية.
توجد النظام البيئي بأكمله تحت ظل هيكله.
تأثيره يمتد من غرف الاجتماعات في وول ستريت إلى ماراثونات الهاكر للمطورين في ست قارات. تقوم البنوك المركزية ببناء العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC) بناءً على تصميمه. توفر آلة الإيثيريوم الافتراضية (EVM) القوة لآلاف المشاريع التي تعالج عشرات المليارات من المعاملات اليومية.
عندما يتحدث، يتقلب السوق. عندما يكتب الشيفرة، يحدث تغيير في الصناعة. عندما يتبرع بمبلغ 1.14 مليار دولار للمنظمات الخيرية، لم يعلن حتى عن ذلك.
بينما يستمر نظام الإيثيريوم البيئي في التقدم في عالم التشفير، يمر بمرحلة صعبة، يبدو أن فيتاليك يخطط لرؤيته الأكثر طموحًا حتى الآن: إعادة بناءه تمامًا بينما يستمر الإيثيريوم في العمل.
هذا العبقري الذي بكى بسبب تقليل قوته في ألعاب الفيديو ، أصبح الآن أحد أبرز الخبراء التكنولوجيين في الثورة المالية الأكثر أهمية في عصرنا.
من روسيا إلى كندا: السنوات المبكرة
وُلد فيتاليك في 31 يناير 1994 في مدينة كولومنا، التي تبعد حوالي 113 كيلومترًا southeast من موسكو، وكانت طفولته في فترة الاضطراب التي تلت الحقبة السوفيتية في روسيا.
والده ديمتري بوتيرين هو عالم كمبيوتر، مما وضع الأساس لارتباط فيتاليك بالتكنولوجيا.
!
فيتاليك ووالده ديمتري بوتيرين
عندما كان فيتاليك في السادسة من عمره، هاجرت عائلته إلى كندا بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل. كانت هذه الخطوة بداية فصل جديد، وبدأت موهبة فيتاليك العقلية في الظهور تدريجياً.
في المدارس الابتدائية في كندا، اكتشف المعلمون بسرعة موهبته في الرياضيات. كان قادرًا على إجراء عمليات الجمع والطرح لثلاثة أرقام في ذهنه بسرعة تعادل ضعف أقرانه. وهذا جعله يُدرج في برنامج للأطفال الموهوبين، حيث بدأ فيتاليك يدرك أنه مختلف - خاصةً في انجذابه إلى الرياضيات والبرمجة والاقتصاد.
"لم أستلهم أبداً من النظام التعليمي التقليدي،" كتب فيتاليك لاحقاً. ولكن عندما التحق بمدرسة أبيلارد الخاصة في تورنتو، تغيرت وجهة نظره بشكل كبير. لقد غيرت البيئة التي تشجع على استكشاف المعرفة والتفكير النقدي علاقة فيتاليك بالتعلم.
تستمر قدراته الأكاديمية في التألق. في عام 2012 ، حصل على الميدالية البرونزية في الأولمبياد الدولي للمعلوماتية ، مما يثبت قوته في البرمجة على الساحة العالمية. ومع ذلك ، قد تكون اللحظة الأكثر حيوية في تطور ذكائه ليست في الفصل الدراسي ، بل من خلال لعبة فيديو.
من 2007 إلى 2010، كان فيتاليك مهووسًا بلعبة "World of Warcraft". عندما قرر مطورو اللعبة إزالة مكون الضرر من مهارته المحبوبة "سحب الحياة"، تأثر بشدة - ويقال إنه نام باكيًا في تلك الليلة. جعلته هذه الحادثة يفهم بعمق السيطرة المركزية.
هذه التجربة دفعتهم للبحث عن أنظمة بديلة، للتخلص من نظام السلطة الواحدة التي تغير القواعد بشكل عشوائي.
استيقاظ البيتكوين
عندما كان في السابعة عشرة من عمره، قدم له والد فيتاليك بيتكوين. أثار هذا المفهوم اهتمامه، مما دفعه إلى إجراء المزيد من البحث.
كان فيتاليك يرغب في المشاركة في هذه الاقتصاد الناشئ ولكنه كان يفتقر إلى القدرة على التعدين أو رأس المال لشراء البيتكوين، فاختار مساراً غير تقليدي: بدأ بكتابة مقالات حول العملات المشفرة لمدونة، يكسب 5 بيتكوين لكل مقال (كان قيمته حوالي 3.50 دولار في ذلك الوقت).
جذبت هذه المقالات المبكرة انتباه عشاق بيتكوين الروماني ميهاي أليس. قاموا في سبتمبر 2011 بتأسيس مجلة بيتكوين معًا، ليؤسسوا واحدة من أولى المنشورات الجادة التي تركز على العملات المشفرة. على الرغم من صغر سنه، إلا أن مقالات فيتاليك أظهرت عمقًا تقنيًا وتفكيرًا يتجاوز عمره.
على مدار عامين ونصف، غمر فيتاليك نفسه في نظام بيتكوين البيئي، وفهم بعمق إمكانيات تقنيات البلوكشين وقيودها.
في عام 2013، قرر فيتاليك تكريس نفسه بالكامل للعملة المشفرة وترك دراسة علوم الكمبيوتر في جامعة واترلو.
"أنا بالفعل أتذكر ذلك اليوم عندما عاد من الجامعة. كانت والدته ضيفة في منزلنا، لذا عندما دخل، كنا نحن الثلاثة هناك، أنا ومايا وناتاليا. ثم قال، 'مرحبًا يا رفاق، أنا أفكر في ترك الدراسة،'" قال والده ديمتري.
قضى ستة أشهر في جولة حول العالم، يتحدث مع المطورين، ويستكشف مشاريع بلوكتشين مختلفة. كشفت اكتشافاته عن الحقيقة: معظم المشاريع تركز بشكل ضيق للغاية على تطبيقات محددة.
هذا المراقبة أثارت نظرة حاسمة: ماذا لو كان يمكن برمجة البلوكشين لأداء أي مهمة تقريبًا، وليس فقط معالجة المعاملات المالية؟ ماذا لو كان بإمكان المطورين بناء تطبيقات مباشرة على البلوكشين؟
في نهاية عام 2013، كتب فيتاليك، الذي كان في التاسعة عشر من عمره، وثيقة بيضاء تلخص رؤيته للإيثيريوم - منصة تتجاوز الوظائف المحدودة للبيتكوين، لتصبح سلسلة كتل قابلة للبرمجة بالكامل، قادرة على دعم أي تطبيق يمكن للمطورين تخيله.
ولادة الإيثيريوم
قدم الورقة البيضاء للإيثيريوم التي كتبها فيتاليك تصورًا جذريًا: سلسلة الكتل التي تحتوي على لغة برمجة كاملة توريانية، والتي يمكن نظريًا أن تحل أي مشكلة حسابية طالما يوجد وقت وذاكرة كافيان. يتمثل جوهرها في مفهوم "العقود الذكية": بروتوكول تنفيذ ذاتي يكتب شروطه مباشرة في الشفرة.
استجاب الناس لذلك بسرعة وحماس.
في غضون عدة أسابيع، اجتمع مجموعة من المبرمجين، بما في ذلك غافن وود وجوزيف لوبين وتشارلز هوسكينسون، حول رؤية فيتاليك. في يناير 2014، أعلنوا عن ولادة الإيثيريوم.
لجمع أموال التطوير، عقد الفريق العرض الأولي للعملات (ICO) في يوليو 2014، حيث تم تبادل رموز الإيثر (ETH) مقابل البيتكوين. جمعت هذه الإصدارة حوالي 31,000 بيتكوين، والتي كانت قيمتها حينها حوالي 18 مليون دولار - هذه الأموال الكبيرة تشير إلى ثقة الناس الكبيرة في إمكانيات المشروع.
في الوقت نفسه، حصل فيتاليك على منحة تيلر بقيمة 100000 دولار والتي أسسها بيتر ثيل، أحد مؤسسي باي بال، لدعم رواد الأعمال الشباب الذين يرغبون في ترك الدراسة أو تجاوز الجامعة لمتابعة أفكارهم. هذه الأموال سمحت لفيتاليك بالانغماس في الإيثيريوم بشكل كامل.
بعد الكثير من التطوير والاختبار، تم إطلاق الإيثيريوم رسميًا في 30 يوليو 2015. تم تسمية الإصدار الأول بـ "الواجهة الأمامية" (Frontier)، ورغم بساطته إلا أنه كان مكتمل الوظائف، مما يوفر للمطورين منصة لبدء بناء التطبيقات اللامركزية.
أدخل تصميم إيثريوم عدة ابتكارات رئيسية:
نموذج قائم على الحساب، بدلاً من نظام UTXO (مخرجات المعاملات غير المنفقة) لبيتكوين
آلة الإيثيريوم الافتراضية (EVM)، بيئة تنفيذ كاملة تورينغ
تتيح هذه الخصائص للإيثيريوم أن يكون أكثر مرونة من البيتكوين، مما يفتح الأبواب أمام التطبيقات التي تتجاوز مجرد نقل القيمة. يمكن للمطورين الآن إنشاء أنظمة رمزية ومشتقات مالية ومنظمات ذاتية الحكم (DAO) وأنظمة هوية، كل ذلك على منصة بلوكتشين واحدة.
ومع ذلك، لم يكن إطلاق الإيثيريوم خاليًا من التحديات. في عام 2016، تعرض مشروع صندوق رأس المال الاستثماري اللامركزي المعروف باسم The DAO للاختراق بسبب ثغرة في الكود، حيث سرق القراصنة إيثريوم بقيمة ملايين الدولارات، مما وضع هذا النظام الأساسي الشاب في أزمة بقاء.
تواجه المجتمع خيارًا صعبًا: هل يتم تعديل blockchain لاستعادة الأموال المسروقة، مما يتعارض مع مبدأ عدم القابلية للتغيير، أم قبول الخسائر للحفاظ على السلامة الفلسفية للنظام؟
دعا فيتاليك إلى "شوكة ناعمة" لاستعادة الأموال. أثار هذا الموقف الجدل ، وأدى إلى انقسام في المجتمع ، وأدى في النهاية إلى "انقسام صلب" من blockchain. نتيجة لذلك ، تم تشكيل سلسلتين منفصلتين: Ethereum (سلسلة معدلة استعادت الأموال المسروقة) و Ethereum Classic (السلسلة الأصلية التي لم تتغير).
تُظهر هذه القرار الجانب العملي من قيادة فيتاليك: الرغبة في حماية المستخدمين كأولوية، بدلاً من الالتزام الصارم بالمبادئ الأيديولوجية. لقد كانت هذه البراغماتية متأصلة في أسلوبه اللاحق في تطوير الإيثيريوم.
الرؤية التقنية والتطور
تحتضن الإيثيريوم دائمًا التطور المستمر. إن رفض التمسك بالهياكل التقليدية هو أكبر ميزة للإيثيريوم وأكبر تحدي لها.
تروي الرسوم البيانية لأسعار هذه المنصة قصة تقلبات شديدة - من بضعة سنتات عند الإطلاق إلى ما يقرب من 4900 دولار في نوفمبر 2021، ثم إلى أقل من 1000 دولار خلال شتاء التشفير في 2022، والآن مستقرة عند 2605 دولار. على مدار عشر سنوات، اختبرت هذه التقلبات عزم مؤيدي ETH، الذين شهدوا ترقيات وعدت بها، جداول زمنية مؤجلة وتحولات تقنية.
!
بالنسبة للمؤمنين بالإيثريوم، كانت هذه الرحلة مثل أفعوانية عاطفية. كان الداعمون الأوائل يتخيلون حلول توسيع سريعة، لكنهم احتاجوا إلى صبر كبير لمواجهة فترات تطوير استمرت لعدة سنوات. تخلى بعض الأشخاص في أوقات الانخفاض، بينما ظل أكثر الأعضاء ولاءً في المجتمع - "ماكسيماليست ETH" - متمسكين بإيمانهم عبر عدة دورات سوقية.
ما يغفله العديد من النقاد هو أن سرعة تطوير الإيثيريوم التي تبدو بطيئة في الظاهر هي في الواقع مصممة بعناية. لقد كان فيتاليك دائمًا في طليعة تطوير المجتمع.
كنموذج بروتوكول مدفوع حقًا من المجتمع، تتطلب كل ترقية كبيرة بحثًا واسعًا، وتنفيذًا متكررًا، ونقاشات مجتمعية، واختبارات صارمة. تعطي هذه النموذج الحكومي الأولوية للأمان والتوافق بدلاً من السرعة - وهو أمر ضروري عند التعامل مع آلاف المليارات من الدولارات.
لقد قطع إيثريوم مسارًا عبر عدة معالم مهمة على مدار عشر سنوات.
!
تدور خريطة الطريق التي وضعها فيتاليك لتطوير مستقبل الإيثيريوم حول عدة مراحل رئيسية، وتم تسميتها بطريقة مرحة:
الدمج (The Merge): إكمال الانتقال إلى إثبات الحصة (PoS)
الزيادة (The Surge): تنفيذ الشظايا لتعزيز القابلية للتوسع
الحافة (The Verge): إدخال شجرة Verkle لزيادة الكفاءة
التطهير (The Purge): تقليل متطلبات التخزين
البذخ (The Splurge): تعزيز مقاومة الكم
التحديث الأخير لـ Pectra (مايو 2025) قد تقدم هذا المخطط من خلال تحسين وظائف المحفظة واقتصاد المدققين، لكن النجم القطبي الحقيقي لا يزال هو رؤية فيتاليك: سلسلة الكتل كبنية تحتية محايدة عالمياً لتنسيق وتبادل القيم.
بالنسبة للمتحققين، ستزيد هذه الترقية الحد الأقصى للرهانات من 32 ETH إلى 2048 ETH المدهشة، مما يقلل بشكل كبير من تكاليف تشغيل المراهنين المؤسسيين. هذه التحسينات دفعت ETH للتخلص من الركود السعري الأخير، حيث ارتفعت من حوالي 1615 دولارًا في منتصف أبريل إلى أكثر من 2600 دولار اليوم، بزيادة تزيد عن 60٪.
!
ومع ذلك، قبل أيام قليلة من إطلاق Pectra، نشر فيتاليك رؤية تبدو متناقضة في مدونته "تبسيط L1"، حيث أكد على أنه يجب أن تصبح إيثيريوم "بسيطة تقريباً مثل البيتكوين" في غضون خمس سنوات.
واقترح استبدال آلة إيثريوم الافتراضية بـ RISC-V (وهو هيكل تعليمات مفتوح المصدر) ، قائلاً إنه يمكن أن يوفر "100 ضعف في الأداء" ، بينما يجعل النظام أكثر ملاءمة للمطورين.
هذا التناقض الواضح - تنفيذ ترقية Pectra المعقدة في الوقت الذي يتم فيه الدعوة إلى تبسيط شامل - يجسد النهج العملي لبوترين: تحسين النظام الحالي الضروري مع التخطيط لبنية مستقبلية أكثر أناقة.
المحسن والفيلسوف
بالإضافة إلى مساهماته التقنية، غالبًا ما يظهر فيتاليك كشخصية خيرية، مستفيدًا من ثروته من العملات المشفرة لدعم مجموعة متنوعة من المشاريع العلمية والطبية والإنسانية.
في مايو 2021 ، تصدّر العناوين الرئيسية من خلال تبرعه بقيمة 1.14 مليار دولار من عملة شيبا إينو المشفرة (SHIB) لصندوق الإغاثة من كوفيد في الهند لمساعدة مكافحة جائحة كورونا. أدى هذا التبرع إلى انخفاض كبير في سعر العملة ، لكنه قدم مساعدة ملموسة في لحظة حاسمة.
تشمل تبرعاته الهامة الأخرى:
التبرع بمبلغ 6.65 مليار دولار لمؤسسة أبحاث الحياة المستقبلية، مع التركيز على تقليل مخاطر الوجود بما في ذلك الذكاء الاصطناعي
تبرع بقيمة 763,970 دولار من الإيثيريوم لمؤسسة أبحاث الذكاء الاصطناعي
التبرع بمبلغ 2.4 مليون دولار من الإيثيريوم لمؤسسة SENS البحثية لدراسة استعادة النشاط وإطالة العمر
تبرع بقيمة 3.36 مليون دولار من رموز Dogelon Mars لمؤسسة ماتوسلا لأبحاث طول العمر
تبرع بمبلغ 9.4 مليون دولار أمريكي من USDC لجامعة ماريلاند لدراسة الأشعة فوق البنفسجية القاتلة للجراثيم للوقاية من الأوبئة المستقبلية
خلال اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، دعم فيتاليك جهود الإغاثة من خلال التبرعات بالعملات المشفرة والوقوف علنًا (بما في ذلك المشاركة في مبادرات مثل DAO الأوكراني)
!
تتمثل جوهر فلسفة فيتاليك الشخصية في مبادئ اللامركزية والمساواة، بالإضافة إلى الإمكانية التي تتيحها التكنولوجيا لإحداث تغييرات اجتماعية إيجابية. لقد تطورت أفكاره مع مرور الوقت، من "فكر الأناركية الرأسمالية" الذي وصفه إلى تفكير "جورجي" أكثر حول السلع العامة والموارد المشتركة.
مؤخراً، أعرب فيتاليك عن قلقه من أن الذكاء الاصطناعي قد يشكل خطرًا على بقاء البشر. في مقالته على المدونة في نوفمبر 2023 بعنوان "تفاؤلي التكنولوجي"، اعتبر أن الذكاء الاصطناعي يختلف "جوهرًا" عن الاختراعات الأخرى مثل الأسلحة والطائرات ووسائل التواصل الاجتماعي، لأنه قد يتطور إلى شكل جديد من "التفكير"، وقد يكون حتى في مواجهة البشر.
!
"إذا قرر الذكاء الاصطناعي الفائق الذكاء أن يتحدانا، فقد يترك البشر بلا ناجٍ، وينهي البشرية تمامًا،" كتب فيتالك. "حتى المريخ قد لا يكون آمنًا."
في مواجهة هذه المخاوف، دعا إلى فلسفة يسميها "d/acc"، التي تركز على الدفاع، واللامركزية، والديمقراطية، وتطوير التكنولوجيا المتنوعة. تهدف هذه الطريقة إلى تعزيز التكنولوجيا المفيدة، مع تقليل مخاطر التكنولوجيا الضارة المحتملة.
وجهة نظرنا
تروي قصة فيتاليك بوترين القوى المتناقضة التي شكلت ثورة البلوكشين. رحلته تقنية بعمق وفلسفية غنية، تتحدى السرد التقليدي حول مؤسسي التكنولوجيا وإبداعاتهم.
على عكس مؤسسي الشركات النموذجية في وادي السيليكون، تخلّى فيتاليك عن رموز القيادة التقليدية. إنه لا يقود من خلال السلطة التنظيمية، بل يستمد قوته من قوة أفكاره التي نشرها في مقالات المدونات والأوراق التقنية.
ومع ذلك، فإن هذا الأسلوب القيادي قد أدى أيضًا إلى علاقات متوترة. وانتقد بعض الأشخاص مثل تشارلز هوسكينسون، مؤسس كاردانو، واعتبروا أن حوكمة إيثريوم لا تزال تعتمد بشكل كبير على توجيهات فيتاليك. "الجميع يتوقع منه وضع خارطة الطريق،" أشار هوسكينسون في مؤتمر حديث. "ماذا سيحدث في حالة إزالته من هذه المعادلة، كيف ستكون عملية الانقسام الصعبة القادمة؟"
تتناول هذه الانتقادات التحدي الأساسي للمشاريع اللامركزية: كيفية تحقيق التوازن بين القيادة الرؤيوية والحكم الموزع الحقيقي. يعود جزء من نجاح الإيثيريوم إلى البصيرة التقنية لفيتاليك وخطته، لكن مرونته على المدى الطويل تحتاج إلى تجاوز الاعتماد على أي شخص واحد.
التحول الحالي للإيثيريوم - من تحسينات التكنولوجيا الفورية الناتجة عن ترقية Pectra إلى رؤية فيتاليك الأكثر جذرية للتبسيط على المدى الطويل - ليس تغييرًا معزولًا بقدر ما هو إعادة ضبط جذرية لنهجه. تشير الاستجابة الإيجابية الأخيرة من السوق إلى أن المستثمرين يعتقدون أن هذه الاستراتيجية المزدوجة التي تجمع بين التعزيز الفوري والإصلاح الهيكلي على المدى الطويل.
إن التناقض بين ثروة فيتاليك الشخصية والتزامه الفلسفي يقدم تناقضًا آخر. على الرغم من أن صافي ثروته يتجاوز مليار دولار، إلا أنه يعيش حياة بسيطة، ويرتدي ملابس بسيطة، ويركز على السعي الفكري بدلاً من السعي المادي. ومع ذلك، كأحد أكبر حاملي الرموز في إيثريوم، فإنه يجني الفوائد الاقتصادية من نمو المنصة - وهو ما قد يتعارض مع النظام العادل واللامركزي الذي يدعو إليه.
إن طريقة تعامله مع هذه التناقضات ملهمة للغاية. لم يتظاهر فيتاليك بأن هذه التناقضات غير موجودة، بل اعترف بها علنًا، ودرس الموازنة بين مسارات التطوير المختلفة. هذه الصدق الفكري يتناقض بشكل حاد مع الكثير من التسويق المبالغ فيه والقبلية في مجال التشفير.
في مجال تهيمن عليه التطرف والتفكير المطلق، يقدم فيتاليك نموذجًا مختلفًا: الجرأة على استكشاف المعرفة، والاستعداد لتصحيح الآراء، والالتزام ببناء تقنيات تخدم القيم الإنسانية وليس مجرد تقويض الأنظمة الحالية. لا يزال السؤال مفتوحًا عما إذا كانت هذه الطريقة قادرة على مقاومة ضغوط السوق ورؤى المنافسة - ومن المحتمل أن تعرف الفصل التالي من قصة الإيثريوم وفيتاليك.
المحتوى هو للمرجعية فقط، وليس دعوة أو عرضًا. لا يتم تقديم أي مشورة استثمارية أو ضريبية أو قانونية. للمزيد من الإفصاحات حول المخاطر، يُرجى الاطلاع على إخلاء المسؤولية.
فيتاليك بوتيرين: الثائر الصامت لإثيريوم
كتابة: توكن ديسباتش و تيجاسوينى م أ
ترجمة: وحيد القرن الكتلي
المقدمة
مؤسس نظام مالي بقيمة 3140 مليار دولار، يرتدي تي شيرت بسيط، يتأمل في مستقبل البشرية.
فيتاليك بوتيرين ، المعروف أيضًا باسم الإله V في الصناعة ، هو عبقري روسي المولد أنشأ الإيثريوم وغيّر مفهوم المال والفن والحكم والملكية الرقمية.
توجد النظام البيئي بأكمله تحت ظل هيكله.
تأثيره يمتد من غرف الاجتماعات في وول ستريت إلى ماراثونات الهاكر للمطورين في ست قارات. تقوم البنوك المركزية ببناء العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC) بناءً على تصميمه. توفر آلة الإيثيريوم الافتراضية (EVM) القوة لآلاف المشاريع التي تعالج عشرات المليارات من المعاملات اليومية.
عندما يتحدث، يتقلب السوق. عندما يكتب الشيفرة، يحدث تغيير في الصناعة. عندما يتبرع بمبلغ 1.14 مليار دولار للمنظمات الخيرية، لم يعلن حتى عن ذلك.
بينما يستمر نظام الإيثيريوم البيئي في التقدم في عالم التشفير، يمر بمرحلة صعبة، يبدو أن فيتاليك يخطط لرؤيته الأكثر طموحًا حتى الآن: إعادة بناءه تمامًا بينما يستمر الإيثيريوم في العمل.
هذا العبقري الذي بكى بسبب تقليل قوته في ألعاب الفيديو ، أصبح الآن أحد أبرز الخبراء التكنولوجيين في الثورة المالية الأكثر أهمية في عصرنا.
من روسيا إلى كندا: السنوات المبكرة
وُلد فيتاليك في 31 يناير 1994 في مدينة كولومنا، التي تبعد حوالي 113 كيلومترًا southeast من موسكو، وكانت طفولته في فترة الاضطراب التي تلت الحقبة السوفيتية في روسيا.
والده ديمتري بوتيرين هو عالم كمبيوتر، مما وضع الأساس لارتباط فيتاليك بالتكنولوجيا.
!
فيتاليك ووالده ديمتري بوتيرين
عندما كان فيتاليك في السادسة من عمره، هاجرت عائلته إلى كندا بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل. كانت هذه الخطوة بداية فصل جديد، وبدأت موهبة فيتاليك العقلية في الظهور تدريجياً.
في المدارس الابتدائية في كندا، اكتشف المعلمون بسرعة موهبته في الرياضيات. كان قادرًا على إجراء عمليات الجمع والطرح لثلاثة أرقام في ذهنه بسرعة تعادل ضعف أقرانه. وهذا جعله يُدرج في برنامج للأطفال الموهوبين، حيث بدأ فيتاليك يدرك أنه مختلف - خاصةً في انجذابه إلى الرياضيات والبرمجة والاقتصاد.
"لم أستلهم أبداً من النظام التعليمي التقليدي،" كتب فيتاليك لاحقاً. ولكن عندما التحق بمدرسة أبيلارد الخاصة في تورنتو، تغيرت وجهة نظره بشكل كبير. لقد غيرت البيئة التي تشجع على استكشاف المعرفة والتفكير النقدي علاقة فيتاليك بالتعلم.
تستمر قدراته الأكاديمية في التألق. في عام 2012 ، حصل على الميدالية البرونزية في الأولمبياد الدولي للمعلوماتية ، مما يثبت قوته في البرمجة على الساحة العالمية. ومع ذلك ، قد تكون اللحظة الأكثر حيوية في تطور ذكائه ليست في الفصل الدراسي ، بل من خلال لعبة فيديو.
من 2007 إلى 2010، كان فيتاليك مهووسًا بلعبة "World of Warcraft". عندما قرر مطورو اللعبة إزالة مكون الضرر من مهارته المحبوبة "سحب الحياة"، تأثر بشدة - ويقال إنه نام باكيًا في تلك الليلة. جعلته هذه الحادثة يفهم بعمق السيطرة المركزية.
هذه التجربة دفعتهم للبحث عن أنظمة بديلة، للتخلص من نظام السلطة الواحدة التي تغير القواعد بشكل عشوائي.
استيقاظ البيتكوين
عندما كان في السابعة عشرة من عمره، قدم له والد فيتاليك بيتكوين. أثار هذا المفهوم اهتمامه، مما دفعه إلى إجراء المزيد من البحث.
كان فيتاليك يرغب في المشاركة في هذه الاقتصاد الناشئ ولكنه كان يفتقر إلى القدرة على التعدين أو رأس المال لشراء البيتكوين، فاختار مساراً غير تقليدي: بدأ بكتابة مقالات حول العملات المشفرة لمدونة، يكسب 5 بيتكوين لكل مقال (كان قيمته حوالي 3.50 دولار في ذلك الوقت).
جذبت هذه المقالات المبكرة انتباه عشاق بيتكوين الروماني ميهاي أليس. قاموا في سبتمبر 2011 بتأسيس مجلة بيتكوين معًا، ليؤسسوا واحدة من أولى المنشورات الجادة التي تركز على العملات المشفرة. على الرغم من صغر سنه، إلا أن مقالات فيتاليك أظهرت عمقًا تقنيًا وتفكيرًا يتجاوز عمره.
على مدار عامين ونصف، غمر فيتاليك نفسه في نظام بيتكوين البيئي، وفهم بعمق إمكانيات تقنيات البلوكشين وقيودها.
في عام 2013، قرر فيتاليك تكريس نفسه بالكامل للعملة المشفرة وترك دراسة علوم الكمبيوتر في جامعة واترلو.
"أنا بالفعل أتذكر ذلك اليوم عندما عاد من الجامعة. كانت والدته ضيفة في منزلنا، لذا عندما دخل، كنا نحن الثلاثة هناك، أنا ومايا وناتاليا. ثم قال، 'مرحبًا يا رفاق، أنا أفكر في ترك الدراسة،'" قال والده ديمتري.
قضى ستة أشهر في جولة حول العالم، يتحدث مع المطورين، ويستكشف مشاريع بلوكتشين مختلفة. كشفت اكتشافاته عن الحقيقة: معظم المشاريع تركز بشكل ضيق للغاية على تطبيقات محددة.
هذا المراقبة أثارت نظرة حاسمة: ماذا لو كان يمكن برمجة البلوكشين لأداء أي مهمة تقريبًا، وليس فقط معالجة المعاملات المالية؟ ماذا لو كان بإمكان المطورين بناء تطبيقات مباشرة على البلوكشين؟
في نهاية عام 2013، كتب فيتاليك، الذي كان في التاسعة عشر من عمره، وثيقة بيضاء تلخص رؤيته للإيثيريوم - منصة تتجاوز الوظائف المحدودة للبيتكوين، لتصبح سلسلة كتل قابلة للبرمجة بالكامل، قادرة على دعم أي تطبيق يمكن للمطورين تخيله.
ولادة الإيثيريوم
قدم الورقة البيضاء للإيثيريوم التي كتبها فيتاليك تصورًا جذريًا: سلسلة الكتل التي تحتوي على لغة برمجة كاملة توريانية، والتي يمكن نظريًا أن تحل أي مشكلة حسابية طالما يوجد وقت وذاكرة كافيان. يتمثل جوهرها في مفهوم "العقود الذكية": بروتوكول تنفيذ ذاتي يكتب شروطه مباشرة في الشفرة.
استجاب الناس لذلك بسرعة وحماس.
في غضون عدة أسابيع، اجتمع مجموعة من المبرمجين، بما في ذلك غافن وود وجوزيف لوبين وتشارلز هوسكينسون، حول رؤية فيتاليك. في يناير 2014، أعلنوا عن ولادة الإيثيريوم.
لجمع أموال التطوير، عقد الفريق العرض الأولي للعملات (ICO) في يوليو 2014، حيث تم تبادل رموز الإيثر (ETH) مقابل البيتكوين. جمعت هذه الإصدارة حوالي 31,000 بيتكوين، والتي كانت قيمتها حينها حوالي 18 مليون دولار - هذه الأموال الكبيرة تشير إلى ثقة الناس الكبيرة في إمكانيات المشروع.
في الوقت نفسه، حصل فيتاليك على منحة تيلر بقيمة 100000 دولار والتي أسسها بيتر ثيل، أحد مؤسسي باي بال، لدعم رواد الأعمال الشباب الذين يرغبون في ترك الدراسة أو تجاوز الجامعة لمتابعة أفكارهم. هذه الأموال سمحت لفيتاليك بالانغماس في الإيثيريوم بشكل كامل.
بعد الكثير من التطوير والاختبار، تم إطلاق الإيثيريوم رسميًا في 30 يوليو 2015. تم تسمية الإصدار الأول بـ "الواجهة الأمامية" (Frontier)، ورغم بساطته إلا أنه كان مكتمل الوظائف، مما يوفر للمطورين منصة لبدء بناء التطبيقات اللامركزية.
أدخل تصميم إيثريوم عدة ابتكارات رئيسية:
تتيح هذه الخصائص للإيثيريوم أن يكون أكثر مرونة من البيتكوين، مما يفتح الأبواب أمام التطبيقات التي تتجاوز مجرد نقل القيمة. يمكن للمطورين الآن إنشاء أنظمة رمزية ومشتقات مالية ومنظمات ذاتية الحكم (DAO) وأنظمة هوية، كل ذلك على منصة بلوكتشين واحدة.
ومع ذلك، لم يكن إطلاق الإيثيريوم خاليًا من التحديات. في عام 2016، تعرض مشروع صندوق رأس المال الاستثماري اللامركزي المعروف باسم The DAO للاختراق بسبب ثغرة في الكود، حيث سرق القراصنة إيثريوم بقيمة ملايين الدولارات، مما وضع هذا النظام الأساسي الشاب في أزمة بقاء.
تواجه المجتمع خيارًا صعبًا: هل يتم تعديل blockchain لاستعادة الأموال المسروقة، مما يتعارض مع مبدأ عدم القابلية للتغيير، أم قبول الخسائر للحفاظ على السلامة الفلسفية للنظام؟
دعا فيتاليك إلى "شوكة ناعمة" لاستعادة الأموال. أثار هذا الموقف الجدل ، وأدى إلى انقسام في المجتمع ، وأدى في النهاية إلى "انقسام صلب" من blockchain. نتيجة لذلك ، تم تشكيل سلسلتين منفصلتين: Ethereum (سلسلة معدلة استعادت الأموال المسروقة) و Ethereum Classic (السلسلة الأصلية التي لم تتغير).
تُظهر هذه القرار الجانب العملي من قيادة فيتاليك: الرغبة في حماية المستخدمين كأولوية، بدلاً من الالتزام الصارم بالمبادئ الأيديولوجية. لقد كانت هذه البراغماتية متأصلة في أسلوبه اللاحق في تطوير الإيثيريوم.
الرؤية التقنية والتطور
تحتضن الإيثيريوم دائمًا التطور المستمر. إن رفض التمسك بالهياكل التقليدية هو أكبر ميزة للإيثيريوم وأكبر تحدي لها.
تروي الرسوم البيانية لأسعار هذه المنصة قصة تقلبات شديدة - من بضعة سنتات عند الإطلاق إلى ما يقرب من 4900 دولار في نوفمبر 2021، ثم إلى أقل من 1000 دولار خلال شتاء التشفير في 2022، والآن مستقرة عند 2605 دولار. على مدار عشر سنوات، اختبرت هذه التقلبات عزم مؤيدي ETH، الذين شهدوا ترقيات وعدت بها، جداول زمنية مؤجلة وتحولات تقنية.
!
بالنسبة للمؤمنين بالإيثريوم، كانت هذه الرحلة مثل أفعوانية عاطفية. كان الداعمون الأوائل يتخيلون حلول توسيع سريعة، لكنهم احتاجوا إلى صبر كبير لمواجهة فترات تطوير استمرت لعدة سنوات. تخلى بعض الأشخاص في أوقات الانخفاض، بينما ظل أكثر الأعضاء ولاءً في المجتمع - "ماكسيماليست ETH" - متمسكين بإيمانهم عبر عدة دورات سوقية.
ما يغفله العديد من النقاد هو أن سرعة تطوير الإيثيريوم التي تبدو بطيئة في الظاهر هي في الواقع مصممة بعناية. لقد كان فيتاليك دائمًا في طليعة تطوير المجتمع.
كنموذج بروتوكول مدفوع حقًا من المجتمع، تتطلب كل ترقية كبيرة بحثًا واسعًا، وتنفيذًا متكررًا، ونقاشات مجتمعية، واختبارات صارمة. تعطي هذه النموذج الحكومي الأولوية للأمان والتوافق بدلاً من السرعة - وهو أمر ضروري عند التعامل مع آلاف المليارات من الدولارات.
لقد قطع إيثريوم مسارًا عبر عدة معالم مهمة على مدار عشر سنوات.
!
تدور خريطة الطريق التي وضعها فيتاليك لتطوير مستقبل الإيثيريوم حول عدة مراحل رئيسية، وتم تسميتها بطريقة مرحة:
التحديث الأخير لـ Pectra (مايو 2025) قد تقدم هذا المخطط من خلال تحسين وظائف المحفظة واقتصاد المدققين، لكن النجم القطبي الحقيقي لا يزال هو رؤية فيتاليك: سلسلة الكتل كبنية تحتية محايدة عالمياً لتنسيق وتبادل القيم.
بالنسبة للمتحققين، ستزيد هذه الترقية الحد الأقصى للرهانات من 32 ETH إلى 2048 ETH المدهشة، مما يقلل بشكل كبير من تكاليف تشغيل المراهنين المؤسسيين. هذه التحسينات دفعت ETH للتخلص من الركود السعري الأخير، حيث ارتفعت من حوالي 1615 دولارًا في منتصف أبريل إلى أكثر من 2600 دولار اليوم، بزيادة تزيد عن 60٪.
!
ومع ذلك، قبل أيام قليلة من إطلاق Pectra، نشر فيتاليك رؤية تبدو متناقضة في مدونته "تبسيط L1"، حيث أكد على أنه يجب أن تصبح إيثيريوم "بسيطة تقريباً مثل البيتكوين" في غضون خمس سنوات.
واقترح استبدال آلة إيثريوم الافتراضية بـ RISC-V (وهو هيكل تعليمات مفتوح المصدر) ، قائلاً إنه يمكن أن يوفر "100 ضعف في الأداء" ، بينما يجعل النظام أكثر ملاءمة للمطورين.
هذا التناقض الواضح - تنفيذ ترقية Pectra المعقدة في الوقت الذي يتم فيه الدعوة إلى تبسيط شامل - يجسد النهج العملي لبوترين: تحسين النظام الحالي الضروري مع التخطيط لبنية مستقبلية أكثر أناقة.
المحسن والفيلسوف
بالإضافة إلى مساهماته التقنية، غالبًا ما يظهر فيتاليك كشخصية خيرية، مستفيدًا من ثروته من العملات المشفرة لدعم مجموعة متنوعة من المشاريع العلمية والطبية والإنسانية.
في مايو 2021 ، تصدّر العناوين الرئيسية من خلال تبرعه بقيمة 1.14 مليار دولار من عملة شيبا إينو المشفرة (SHIB) لصندوق الإغاثة من كوفيد في الهند لمساعدة مكافحة جائحة كورونا. أدى هذا التبرع إلى انخفاض كبير في سعر العملة ، لكنه قدم مساعدة ملموسة في لحظة حاسمة.
تشمل تبرعاته الهامة الأخرى:
خلال اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، دعم فيتاليك جهود الإغاثة من خلال التبرعات بالعملات المشفرة والوقوف علنًا (بما في ذلك المشاركة في مبادرات مثل DAO الأوكراني)
!
تتمثل جوهر فلسفة فيتاليك الشخصية في مبادئ اللامركزية والمساواة، بالإضافة إلى الإمكانية التي تتيحها التكنولوجيا لإحداث تغييرات اجتماعية إيجابية. لقد تطورت أفكاره مع مرور الوقت، من "فكر الأناركية الرأسمالية" الذي وصفه إلى تفكير "جورجي" أكثر حول السلع العامة والموارد المشتركة.
مؤخراً، أعرب فيتاليك عن قلقه من أن الذكاء الاصطناعي قد يشكل خطرًا على بقاء البشر. في مقالته على المدونة في نوفمبر 2023 بعنوان "تفاؤلي التكنولوجي"، اعتبر أن الذكاء الاصطناعي يختلف "جوهرًا" عن الاختراعات الأخرى مثل الأسلحة والطائرات ووسائل التواصل الاجتماعي، لأنه قد يتطور إلى شكل جديد من "التفكير"، وقد يكون حتى في مواجهة البشر.
!
"إذا قرر الذكاء الاصطناعي الفائق الذكاء أن يتحدانا، فقد يترك البشر بلا ناجٍ، وينهي البشرية تمامًا،" كتب فيتالك. "حتى المريخ قد لا يكون آمنًا."
في مواجهة هذه المخاوف، دعا إلى فلسفة يسميها "d/acc"، التي تركز على الدفاع، واللامركزية، والديمقراطية، وتطوير التكنولوجيا المتنوعة. تهدف هذه الطريقة إلى تعزيز التكنولوجيا المفيدة، مع تقليل مخاطر التكنولوجيا الضارة المحتملة.
وجهة نظرنا
تروي قصة فيتاليك بوترين القوى المتناقضة التي شكلت ثورة البلوكشين. رحلته تقنية بعمق وفلسفية غنية، تتحدى السرد التقليدي حول مؤسسي التكنولوجيا وإبداعاتهم.
على عكس مؤسسي الشركات النموذجية في وادي السيليكون، تخلّى فيتاليك عن رموز القيادة التقليدية. إنه لا يقود من خلال السلطة التنظيمية، بل يستمد قوته من قوة أفكاره التي نشرها في مقالات المدونات والأوراق التقنية.
ومع ذلك، فإن هذا الأسلوب القيادي قد أدى أيضًا إلى علاقات متوترة. وانتقد بعض الأشخاص مثل تشارلز هوسكينسون، مؤسس كاردانو، واعتبروا أن حوكمة إيثريوم لا تزال تعتمد بشكل كبير على توجيهات فيتاليك. "الجميع يتوقع منه وضع خارطة الطريق،" أشار هوسكينسون في مؤتمر حديث. "ماذا سيحدث في حالة إزالته من هذه المعادلة، كيف ستكون عملية الانقسام الصعبة القادمة؟"
تتناول هذه الانتقادات التحدي الأساسي للمشاريع اللامركزية: كيفية تحقيق التوازن بين القيادة الرؤيوية والحكم الموزع الحقيقي. يعود جزء من نجاح الإيثيريوم إلى البصيرة التقنية لفيتاليك وخطته، لكن مرونته على المدى الطويل تحتاج إلى تجاوز الاعتماد على أي شخص واحد.
التحول الحالي للإيثيريوم - من تحسينات التكنولوجيا الفورية الناتجة عن ترقية Pectra إلى رؤية فيتاليك الأكثر جذرية للتبسيط على المدى الطويل - ليس تغييرًا معزولًا بقدر ما هو إعادة ضبط جذرية لنهجه. تشير الاستجابة الإيجابية الأخيرة من السوق إلى أن المستثمرين يعتقدون أن هذه الاستراتيجية المزدوجة التي تجمع بين التعزيز الفوري والإصلاح الهيكلي على المدى الطويل.
إن التناقض بين ثروة فيتاليك الشخصية والتزامه الفلسفي يقدم تناقضًا آخر. على الرغم من أن صافي ثروته يتجاوز مليار دولار، إلا أنه يعيش حياة بسيطة، ويرتدي ملابس بسيطة، ويركز على السعي الفكري بدلاً من السعي المادي. ومع ذلك، كأحد أكبر حاملي الرموز في إيثريوم، فإنه يجني الفوائد الاقتصادية من نمو المنصة - وهو ما قد يتعارض مع النظام العادل واللامركزي الذي يدعو إليه.
إن طريقة تعامله مع هذه التناقضات ملهمة للغاية. لم يتظاهر فيتاليك بأن هذه التناقضات غير موجودة، بل اعترف بها علنًا، ودرس الموازنة بين مسارات التطوير المختلفة. هذه الصدق الفكري يتناقض بشكل حاد مع الكثير من التسويق المبالغ فيه والقبلية في مجال التشفير.
في مجال تهيمن عليه التطرف والتفكير المطلق، يقدم فيتاليك نموذجًا مختلفًا: الجرأة على استكشاف المعرفة، والاستعداد لتصحيح الآراء، والالتزام ببناء تقنيات تخدم القيم الإنسانية وليس مجرد تقويض الأنظمة الحالية. لا يزال السؤال مفتوحًا عما إذا كانت هذه الطريقة قادرة على مقاومة ضغوط السوق ورؤى المنافسة - ومن المحتمل أن تعرف الفصل التالي من قصة الإيثريوم وفيتاليك.